السبت، 12 ديسمبر 2009

رثاء --- أمنية بشير

رثــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء

كل ما تبقى لي منه .. شجرة سنديان ..

أستشفت ظلها من حنيته، و لون جزعها من لون مهجتيه، و حفيف ورقها من همس كلماته و شذاها من ريح قهوته ..

أعود بذاكرتي الى أيام خلت ليت لها أن تعود .. إلى صباحات أشرقت بمحياه .. و ليالي أقمرت بصفاء عينيه .. الى جلسات طرب لها عقلي العاشق ..

شهدت سندياني أحاديثه الموشحة بصمته الوقور .. آه من ذاك الصمت ومن ذكريات السكون ..

هو من تعلمت على يديه لغة العيون ..

لقد احبني بعينيه .. و حنا علي بعينيه .. وازاح احزاني بعينيه .. فكنت عشيقة ذلك الصمت ..

كبرنا و كبرت معنا يا شجيرتي .. وثـّقت طفولة و شباب و شيب حبي ..

منحتنا دفًْ في شتاء الرتابة .. و أظللتنا بعطف عندما قست السنين .. بنينا بأغصانك بيوت أحلامنا .. ووقعّنا على أوراقك ميثاق حب لن ينتهي .. و رسمنا على جزعك ذكرياتا لأيام لن تنسى ..

تحتك عزفت له موسيقاي .. فكان هو آلتي و كان صوته الحاني ..

تحت ظلك .. مسح عني الدموع ببسماته .. و طبطب على جراحي بكلماته ..

يا من استمد من صلابة جزعك رجولته .. ومن علوك و شموخك كبريائه ..

يا من شملك بعطفه و اهتمامه .. و زينك بإطلالاته و رسوماته ..

اليوم يرحلُ عني و عنك .. اليوم نجلس وحدنا دون رفقة ذاك الحنين .. اليوم أشكو لك ظلم أيام سرقته مني .. أخذته بعيدا دون أمل للرجوع ..

من يمسح عني الدموع ومن يطبطب على ألم الجراح ..

أنت من تبقى لي من ذاك العزيز .. انت ذكرى الماضي الجميل .. و زادي لمقبل ليلي الحزين

آن لذاك الجسد الرحيل .. و آن لذاك الصمت ان يستمر ..

صمت لن تتوجه لغة العيون ..


أمنية بشير


ليست هناك تعليقات: